كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدآ انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق
بهذه الكلمات العظيمة تثبت أم المؤمنين خديجة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جدثها بشأن الملك الذى نزل عليه بغار حراء حيث قال لها معبرآ عن خشيته : لقد خشيت على نفسى
وكان دور المرأة والزوجة الصالحة هو تخفيف حدة الضنك التى لحقت بنبى الرحمة صلى الله عليه وسلم جراء هذه المقابلة الشديدة الصعبة مع جبريل عليه السلام وتؤكد له عناية الله به مدللة على خصال كريمة يتصف بها المصطفى
صلى الله عليه وسلم وسلوكيات طيبة يمارسها فى مجتمعه فهى توضح له بكل صراحة أن الله لن يخزيه لعلة واحدة هى أنه مواظب جملة من العبادات
الاجتماعية فلن يخزى الله من وصل الرحم وصدق الحديث وحمل الكل وأكرم الضيف وأعان على نوائب الدهر
انها تتحدث الى زوجها كطبيبة نفوس وكفيلسوفة فكر وكعالمة فى سنن الله ونواميسه فى الخليقة -- انها بكلماتها تلك تسبق ماقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنائع المعروف تقى مصارع السوء والافات والهلكات
(صحيح الحاكم بن أنس )
هذا القلب الكبير الذى يحمل كل هذا الخير للناس لا يخزيه الله لن يصل الحزن الى قلبه ولن يصل الخوف من الناس الى وجدانه بل ستنعم حياته وينعم قلبه ويزهو ويفرح وينجلى غبار الضنك عن رأسه
كلا : لن يحزن قلبك مادام يحمل الخير للناس
اءبشر : سيندمل الجرح ويزول الوجع وستمضى فى طريق الحياة بهذا القلب الخير يفيض منه النور الى البشر وتسرج به قلوبآ غلفا وعيونا عمياءواذانآ صماأ
فوالله لا يخزيك الله ابدآ : لست أنت بالوجه الذى يرده الله ولست ولست
أنت بالعبد الذى يتخلى عنه ربه فأنت عبد أكرمت عباده أشبعت جوعتهم وأذهبت
ظمأتهم وكسوت عورتهم ومسحت على رأس اليتيم فكنت الأب
وعفوت عمن أساء اليك فكنت الأم
واذا رحمت فأنت أم أو أب هذان فى الدنياهما الرحماء لا يجزيك ولم ولن يجزيك
الله ابدآ فأنعم بحياتك
انك لتصل الرحم : فمن قطعك وصلتهتغنى القريب الفقير وتقوى القريب الضعيف
أنت سند أهلك ووتد أقاربك لم يسمعوا منك اءلا كل خير ولم يروا منك اءا كل صلاح : أنت لكبيرهم ابن ولصغيرهم أب ولصاحبهم أخ
تصدق الحديث : لا تكذب ابدآ لا تغش أبدآ لاتزور شهادة ولا تدلس مقالة لم يعهد عليك كذبة واحدة فى حياتك ولم تتلطخ لحظة واحدة فى براُن الكذب
تحمل الكل : وهو العاجز لاتعينه وفقط بل تحمله ولاتحمله فقط بل تحمله وحاجته
لا ينزل عنك اءلا وقد قضيت مسألته ورحمت ذلته واسعدت قلبه
تقرى الضعيف : ما أكرم الناس اذا نزلوا بدارك وما أعظمهم اءذا حلوا حضرتك أوقدت القدور وجهزت النمارق وقضيت الحاجات فاءن بات الضيف بدارك
بات أمنا عزيزا واءن انصرف فمكرم مسرور
تعين على نوائب الدهر : فمصائب الايام كثيرة وجراح الواقع كبيرة فيأتيك طالب
العون فتعينه على نائبته ويأتيك المكروب فتعينه على كربته أنت الظهر للبائسين
فأنت لجراحهم طبيب وأنت ليتمهم أب
والصديق كذلك :وابو بكر تلميذ العظيم يسير على شرعته ويمارس صنعته ويبتلى
فيخرج مهاجرآ نحو ارض الحبشة حتى اءذا بلغ ( برك الغماد)لقييه ابن الدغنة
وهو سيد ( القارة )فقال أين تريد ياأبا بكر ؟ فقال أبو بكر أخرجنى قومى فأريد
أن أسيح فى الارض فأعبد الله فقال ابن الدغنة : فاءن مثلك ياأبا بكر لا يخرج
ولا يخرج مثله اءنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضعيف
وتعين على نوائب الحق وأنا لك جار فأرجع فاعبد ربك ببلدك -- فأصحاب هذه
الصنائع الخيرية ماكان الله ليخزيهم وماكان ليكلهم الى بعيد
والحمد لله على نعمه الاسلام